1- حقيقة الرجاء
2- الرجاء والتمني
3- أهل الرجاء الحقيقيون
4- ثمرات الرجاء
مقدمة:
حتى يتكامل موضوع الخوف الذي تحدثنا عنه في الخطب الماضية, لا بد من الحديث عن الرجاء في الله ووعده, فالخوف والرجاء هما جناحان نطير بهما إلى الله {فَفِرُّوا فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50].
وهما قرينان وأخوان لا يفترقان في السنة ولا في القرآن, قال الملك الديّان: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57].
فالخطبة اليوم عن الرجاء بين الحقيقة والادعاء، وهي خطبة تحارب البطالة والكسل, خطبة تدعو للثقة والعمل, كلمات تحرك القلوب إلى علام الغيوب, وأفكار تستنهض العزائم والهمم, للوصول إلى المعالي والقمم.
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وَما استَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُمْ رِكابا
وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِشْ أبَدَ الدَهرِ بَيْنَ الحُفرْ
الرجاء إذن هو شيء هام في الحياة, ولو فقد الإنسان الرجاء فقد كل شيء، لأن الإنسان الذي يفقد الرجاء، يقع في اليأس، ويقع في الكآبة، وتنهار معنوياته، ويقع في القلق، والاضطراب ومرارة الانتظار بلا هدف وقد يقع بذلك ألعوبة في يد الشيطان، لذلك نقول إن الشيطان هو الذي يقطع الرجاء، وعلينا نحن أن نحيي الرجاء في القلوب ونبدد القنوط في النفوس ونحي في الناس قول الله تعالى: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104].
يا أهل الرجاء: الله أكبر كم وكم تعطي كلمة الرجاء من معانٍ سامية, وراحة وسكينة نفسية, الله أكبر كم وكم نحن اليوم بحاجة لهذه الكلمة العظيمة المباركة, في هذه الأيام السوداء والليالي الظلماء لا بد من قمر يبدد الظلام ويقهر الغمام, إنه الرجاء, وما أدراك ما الرجاء.
1- حقيقة الرجاء
إنه الثقة والطمع بما عند الله من الرحمات والأعطيات, مع الأخذ بأسباب الجد والعمل وذلك لبلوغ ما عند الله من الدرجات والكرامات.
الرجاء هو اليقين برحمة الله مع العمل بطاعة الله, فنحن على يقين بكرم الله وجوده, وعلى ثقة بنصر الله و موعوده, فلن يخيب الله من رجاه ولن يرد الله من دعاه, فهو القائل منادياً لنا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
فإلى كل مسرف ومقصر وإلى كل عاص ومفرط كن على رجاء من الله ولا تقنط وأقبل على الله وقل:
إِلَهي لا تُعَذِّبني ... فَإِنّي مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّي
وَما لي حيلَةٌ إِلا رَجائي ... وَعَفوُكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنّي
وإلى كل مصاب ومبتلى وإلى كل الزمنى والمرضى, لا تقنطوا وارجوا من الله الشفاء والدواء فهو القائل: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80].
وأكثروا من دعاء أيوب وقولوا: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: 83-84].
إلى كل مقهور ومكسور وإلى كل مغلوب ومظلوم لا تقنطوا وارجوا الله رجاء نوح عندما قال : {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [القمر: 10].
يا أهل الرجاء إن فرج الله قادم يا أهل الرجاء إن نصر الله قادم يا أهل الرجاء إن عفو الله قادم فاطرقوا باب الرجاء في الليالي الظلماء فإن رب الأرض والسماء يتنزل إلى السماء الدنيا وينادي هل من طالب حاجة فأقضيها, فقم وقل يا رب أنا صاحب الحاجة أنا المحتاج والمضطر إليك, وردد:
طرقت باب الرجا والناس قد رقدوا وَبِتُّ أشكوا إلى مولاي مـا أجـدُ
وقُلتُ يا أمَلـي فـي كـلِّ نائبـة ومَن عليه لكشف الضُّـرِّ أعتمـد
أشكو إليك أمـوراً أنـت تعلمهـا ما لي على حملها صبرٌ ولا جلـدُ
وقد مدَدْتُ يـدِي بالـذُّلِّ مبتهـلاً أليك يا خير من مُـدَّتْ أليـه يـدُ
فـلا ترُدَّنهـا يـا ربِّ خائـبـةً فبَحْرُ جودِكَ يروي كل منْ يَـرِد
في خضم الأمواج المتلاطمة وفي وجه الرياح العاصفة, عندما يتكالب عليكم الخصوم والأعداء ويتخلى عنكم الأصدقاء والأشقاء, عندما تكثر الذنوب والآثام وتنتشر الأوهام والآلام, عند اشتداد الكرب والبلاء هنا تظهر حقيقة الرجاء هنا تظهر حقيقة الثقة واليقين بالله رب العالمين.
فأجمل وأعظم ما يكون الرجاء عندما يكون اعتقاداً وعملاً وحادياً يحدو بالقلوب إلى دار المحبوب {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} [العنكبوت: 5].
فبالرجاء تُصنع لنا المعجزات وبالرجاء تحقق النصر والفتوحات وبالرجاء نصل لجنة عرضها الأرض والسماوات.
2- الرجاء والتمني
لقد وقع المسلمون في الخلط والغلط بين الرجاء والتمني, فالرجاء اعتقاد وعمل وليس ادعاء وكسل, قال الله تعالى في الحديث القدسي محذراً أهل الأماني: (وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين، إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة) ا
ترجو النجَاة وَلم تسلك مسالكها ... إِن السَّفِينَة لَا تجْرِي على اليبس
ليس الرجاء أماني للبطالين, وليس الرجاء إدعاء للمتكاسلين, لذلك انظروا إلى حالنا لقد جعلْنا الرجاءَ أمنيات فقطعنا الأسباب وتركنا الأعمال وزعمنا أننا أهل الرجاء, وهاكم أمثلة لذلك:
نرجو نصر الله ومازلنا متناحرين مختصمين متفرقين، هيهات هيهات هذا وهم وادعاء، ومثلنا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وقد قال الله لنا: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] .
أخاك أخاك إن من لا أخا له كساع إلى الهيجاء بغير سلاح
نرجو أن ينتقم الله لنا من الظالمين والمجرمين ومازلنا نظلم بعضنا بعضاً ويقتل بعضنا بعضاً، هيهات هيهات إنها الأوهام والأماني وقد قال لنا رسولنا محذراً: (وَيْحَكُمْ، لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ)
فمثلنا كما قال القائل:
ومـكـلِّـفُ الأيَّـــامِ ضــــدَّ طـبـاعـهـا متطـلِّـبٌ فــي الـمــاءِ جَـــذوةَ نـــارِ
وأخشى أن يقع عليهم قول الشاعر:
ما هم بأمة أحمد لا والذي فطر السماء ما هم بأمة خير خلـ ـق الله بدءاً وانتهاء
إن يزرعوا فحصادهم يا حسرتاه كان الهواء إن يقتلوا فقتيلهم كان المودة والإخاء
نرجو العز والتمكين للإسلام والمسلمين ومازلنا ننام عن الصلوات ونترك الجماعات ونسهر على الشهوات ونرتكب السيئات، هيهات هيهات إنها الأماني والأمنيات، وقد قال الله لنا مبيناً وعده لأهل التمكين: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55].
ورحم الله القائل :
بقدر الكـد تكسـب المعالــي ومن طلب العلا سهر الليـالـي
ومن طلـب العلـى بغيـر كدٍ أضاع العمر في طلب المحالٍ
3- أهل الرجاء الحقيقيون
الرجاء أهله هم العلماء العاملون، والأبطال المجاهدون، هم الصالحون المصلحون، الرجاء هو السلعة الغالية وهو السفينة الناجية وهو القوة الغالبة, لأن الرجاء متعلق بالله العظيم، فيا أهل الإسلام عموماً، يا أهل الشام خاصة: لا ترجو إلا الله فقد انقطع الرجاء من كل أحد إلا الواحد الأحد, وإن صدق رجائنا فيه فحاشاه أن يخيب من رجاه, لذا كان لأهل الرجاء صفات وأحوال جاء ذكرها في القرآن الكريم:
أولها: التوحيد والإيمان لا الشرك والكفران: فكل مؤمن موحد يرجو رحمة الله وثواب الله, وكل مشرك ملحد يائس من رحمة الله ومن عطاء الله, قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].
إن أعظم أس تبنى عليه رجاء في عطاء الله ووصول لجنته ودار كرامته, أن تكون مؤمناً مخلصاً بعيد عن الشرك والمشركين, وهذا ما جعل أهل الأيمان يطمئنون للقاء الله بل ويفرحون بلقاء الله, فها هو بلال الحبشي تحضره الوفاة, فتصرخ زوجته: واحزناه واحزناه, فيرد عليها قائلاً: لا تقولي واحزناه واحزناه بل قولي واطرباه واطرباه غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه.
هذا الرجاء الذي جعل الشافعي يشدو ويحدو راجياً الله:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا منى لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنتــــــــه بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرمــــــــا
إنه أيها الأخوة الفضلاء: رجاء العلماء العاملين ورجاء المؤمنين الصادقين, هذه هو الرجاء الذي ننشد، ثقة بالله وعملا بطاعة الله يوصل لعطاء الله ولجنة الله, وصدق الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29-30].
ثانيها: الإتباع لا الابتداع: فكل متبع راجٍ لله حاصل عليه، وكل مبتدع محروم منه محجوب عنه, قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
أنى لمبتدع أن يرجو عطاء الله وهو يخالف رسول الله, إن الراجي لله هو ذاك العابد الذي جعل رسول الله قدوته وأسوته وهتف بأعلى صوته:
يـا فتيـة الإسلام هـذا يومكم هيـا بأخلاق النبي تَخلّقوا
الراجي الحقيقي من اقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم في الصورة والسيرة والسريرة, وهذا ما جعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يموت قرير العين هانيها, لما حضرته الوفاة جاءه ابن عباس ليقول له مطَمْئِناً: لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض.
الله أكبر ما أعظمها من كلمة وما أجله وأجمله من رجاء، يا من أحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتديت به أبشر وأمل وارج عطاء غير مجذوذ, واسمع قول الله لمن تبع رسوله: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].
ثالثها: المهاجرون المجاهدون هم أهل الرجاء والعطاء: أما البطالون القاعدون فهم أهل الحرمان والإبعاد, وهاكم الفرق بين الفريقين كما قال الله في سورة النساء: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 95-96].
مَا ضَاعَ حَقٌّ لَمْ يَنَمْ عَنْهُ أَهْلُهُ وَلا نَالَهُ فِي العَالَمِينَ مُقَصِّرُ
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218].
إن المهاجر المجاهد هو أكثر الخلق رجاء في الله تعالى, يثق بنصر الله إن عاش, ويرجو جنة الله إن مات, قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].
وهاكم قصة في منتهى الثقة والرجاء الذي يصيب الشهداء وأهل الشهداء, جاءت في البخاري, عَن أنسٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أَمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ، فَقَالَ: (يَا أَمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى)
إلى جنه الله زفوا الشهيد .. وحيوا الشهيد بأحلى نشيد
إلى المجد قد سار في همة ... فنال الأبيّ جنان المجيد
لدى الله حي ولا لن يموت ... بجانب حور الجنان سعيد
فلا تحسبن الشهيد بميت .... فما الحر منا كمثل العبيد
نداء لأهل الرجاء: أيها الراجون رحمة الله أيها الراجون نصر الله أيها الراجون جنة الله أبشروا وأملوا واعملوا وجاهدوا فإن الله لن يضيع لكم رجاءً ولن يخيب لكم دعاءً, بل إن شجرة رجاءكم بالله مليئة بالخيرات وثمارها غير مقطوعة ولا ممنوعة.
الرجاء الحقيقي هو التوكل لا التواكل هو العمل لا التكاسل, فإذا علمنا حقيقة الرجاء وعملنا بحقيقة الرجاء وصلنا لسيادة الدنيا وسعادة الآخرة.
عندما نحقق المعنى الحقيقي للرجاء ثقة بالله وطاعة لله عندها ستؤتي شجرة الرجاء أكلها وسيورق غصنها ونجنى ثمارها, وما ألذها من ثمرات وما أعظمها من خيرات, وهاكم بعضاً من ثمرات الرجاء.
4- ثمرات الرجاء
منها, العفو والغفران من الرحيم الرحمن: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابنَ آدمَ إِنَّك لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ لَقِيتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مغْفرَة)
يا رب صفحك يرجوه كل مقتربٍ فأنت أكرم من يعفو ومن صفح
يا رب لا سبب أرجو الخلاص به إلا رجاءً و لطفاً منك إذا نفع
ومنها, النصر والتمكين لأهل الإيمان والدين: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104].
وهذا لا ريب فيه أنه محقق، وواقع لا مرية فيه ولا ارتياب, وإنما هي مسألة وقت وأيام، ونصر الله بعدها حاصل لأهل الإسلام.
جَنِينُ النَّصْرِ يَصْرُخُ فِي سِنِينِ العَجْزِ وَاليَاسِ
دَعُوا الأَحْزَانَ يَا قَوْمِي عَلَى أَبْوَابِ يُؤَّاسِ
وَصُوغُوا البِشْرَ وَلْتُحْ يُوا لَيَالِيَكُمْ بِإِينَاسِ
قَرِيبًا تُغْسَلُ الأَرْضُ الْ لَتِي خَبُثَتْ بِأَنْجَاسِ
بِشَارَاتٌ نَتِيهُ بِهَا نُحَطِّمُ صَخْرَةَ اليَاسِ
الجنة والنعيم والنظر إلى وجه الله الكريم: هذا أعظم وألذ ما يطمع به أهل الرجاء وأطيب ما يناله أهل الرجاء قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 5-7].
يا من يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه نسألك أن تغفر ذنوبنا وتفرج كروبنا وتستر عيوبنا, نسألك يا رجاء السائلين ويا أمان الخائفين أن تنصر الإسلام والمسلمين وتؤيد كتائب المجاهدين في سوريا وفلسطين وسائر ديار المسلمين, نسألك يا أملنا ويا رجائنا أن تدخلنا الجنة مع الأبرار وتسكننا بجوار المختار وتكرمنا بالنظر إلى وجهك الكريم يا عزيز ويا غفار.