السبت 11 شوّال 1445 هـ الموافق 20 أبريل 2024 م
إِحقاقُ الحَق
الخميس 2 ربيع الأول 1438 هـ الموافق 1 ديسمبر 2016 م
عدد الزيارات : 3835
إِحقاقُ الحَق
عناصر المادة
1- مقدمة حقيقية ونتيجة حتمية
2- إقامة العدل أصعب من هدم الظلم
3- ففيم يختصمون؟
4- النصر بمقدار اتصال القلوب بالله
مقدمة:
قال الله تعالى: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 7-8].
الله أكبر ما أجمله من وعد للمؤمنين {يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} وما أعظمه من وعيد للكافرين {وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}, إن الله تعالى يعد المؤمنين بالنصر المبين والعز والتمكين بإحقاق حقهم وإظهار دينهم ورفع شريعتهم وإعلاء رايتهم بكلماته النيرة وشرائعه المحكمة, وإن الله يتوعد الكافرين بقطع دابرهم واستئصال شأفتهم, وإنهاء قوتهم وذهاب سطوتهم وإسقاط دولتهم وذهاب ريحهم, ولا مرد لوعد الله ولا لوعيده , فالله لا يخلف الميعاد.
تَعَـالَـيْتَ يَا مَنْ تَجْـعَـلُ الحَـقَّ يَـغْـلِـبُ         ويَـهْـزِمُ شَـراًّ قَـدْ تَـمَـادَى يُـخَــرِّبُ
فَأَنـْتَ الذِّي تُعْـطِـى الحُـقُوقَ لأَهْـلِـهَـا            فَـنَصْـرُكَ أَقْـوَى مَـا يَـكُـونُ وأَقْــرَبُ
      أَحَـطْـتَ بِـكُـلِّ الكَـائِـنَـاتِ تَـعَـاظُمـاً               فَـلَـيْـسَ لَهَا مِنْ دُونِ حُـكْمِـكَ مَـهْـرَبُ
1- مقدمة حقيقية ونتيجة حتمية
أيها المؤمنون: كلنا يرغب  أن يقطع الله دابر الكافرين, وكلنا يطمع أن ينهي الله دولة المجرمين, وكلنا يدعو بدعاء نوح: "ولا تزد الظالمين إلا تباراً, فقد عاثوا في البلاد دماراً، وفي العباد قتلاً وتشريداً, فيا ربنا لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً, إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً".
أيها الأخوة الكرام: إن سياق النص القرآني للآية السابقة {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}, يوحي بأن زوال المجرمين, وانقطاع دابر الكافرين, أمر حتمي وسنة إلهية قادمة لا تتغير ولا تتبدل, فهذه إرادة الله ولا غالب لأمر الله, ولا راد لإرادته, {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 141].
ولكن لا بد لهذه النتيجة الحتمية من مقدمة حقيقية ألا وهي - إحقاق الحق -  إننا إن أقمنا الحق صار زوال الباطل تحصيل حاصل, وبدل أن نلعن الظلام تعالوا نشعل شمعة الحق, فشعلة من نور الحق تبدد ظلمات الباطل.
يا موكب النور بدد حالك الظلم        فأمة الحق لم تهدأ ولم تنم
هذي الجيوش أبو الزهراء قائدها      صرح الجهالة باسم الله فانهدم
      قم يا بلال وأعلنها مدوية         إن الحقود عن الإيمان جِدُّ عَمِي
وهنا أخي الحر الكريم: تجدني مضطراً لقول الحق بلا مواربة ولا محاباة ولا مجاملة, فالحقيقة المرة خير ألف مرة من الوهم المريح, نحن نحتاج للتصريح لا للتلميح, إنني أقوله لكم _ وللأجيال القادمة_ بحق وصدق ويقين: "إننا لن ننتصر على أعدائنا حتى نحق الحق بيننا".
وهذا هو عنوان خطبتي إلى قلوبكم وأفئدتكم لا إلى آذانكم ومسامعكم, هذا هو حديثي إلى إيمانكم ووجدانكم لا إلى أجسادكم وأبدانكم... {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [سورة ق: 37].
2- إقامة العدل أصعب من هدم الظلم
أيها الأخوة الأحرار الأخيار: إن إحقاق الحق وإظهار العدالة واجب ديني ومطمع إنساني وهو غاية الرسائل السماوية ومقصد الشرائع الربانية, وهذا ليس بالأمر الهين اليسير, بل يحتاج لجهد ومجاهدة, ويحتاج لصبر ومصابرة وحزم وعزم وإرادة, وصدق من قال:  "إن إقامة العدل أصعب بكثير من هدم الظلم, فالهدم فعل سلبي والبناء فعل إيجابي, وإن إحقاق الحق أصعب بكثير من إبطال الباطل , وإذا وقع الحق زال الباطل", {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49].
وأنتم أيها الشاميون الأحرار: أولى الخلق وأجدرهم وأقدرهم على إحقاق الحق وإظهار العدل, فقد ثار صغاركم وكباركم ضد الظلم والطغيان وقدمتم في سبيل الحق والعدل والإيمان  كل نفس ونفيس وغال ورخيص, وأنتم من هزم المغول والتتار, وأنتم من أجلى وأخرج الطغاة والاستعمار, وأنتم من صنع حطين وعين جالوت ومعارك العز والانتصار, ومازلتم تقدمون في ربوع الشام من الغوطتين وحوران, إلى حلب وإدلب وجبال التركمان, وحمص وحماة والبوكمال, وأنتم من صدق فيكم قول نبيكم صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من ناوأهم، وهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)، قلنا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: (بأكناف بيت المقدس) المعجم الكبير للطبراني/317
إنكم يا أهلنا الأبطال تخوضون معركة الحق وملحمة البطولة, فلا تنشغلوا بمطامع عاجلة أو بغنيمة زائلة, فقد لبس الحق لأمته ولن ينزعها حتى يفصل الله بينه وبين الباطل, فلبسوا عدتكم وثبّتوا أقدامكم فها: 
هو الحق يحشد أجنادهُ ويعتد للموقف الفاصلِ       فصفوا الجحافل آسادهُ ودكوا به دولة الباطلِ
نبي الهدى قد جفونا الكرى وعفنا الشهي من المطعمِ      نهضنا إلى الله نجلو السُرى بروعة قرآنهِ المحكمِ
ونُشهد من دبَّ فوق الثرى وتحت السما عزة المسلمِ    دعاة إلى الحق لسنا نَرى له فديةٌ دون بذل الدمِ
أيها المجاهدون والمرابطون أيها الأحرار والأخيار: ملحمتكم الكبرى إحقاق الحق ومن بعدها غنيمتكم العظمى قطع دابر الكافرين, إن الغنائم والمكاسب لا تأتي حتى نقيم المنهج القويم ونحق الحق في الناس أجمعين. 
وإن في تاريخ الأمة أمثلة لذلك كثيرة كثيرة, وقصص مأثورة مؤثرة, تحكي هذه القصص أن أبناء الأمة عندما أقاموا الحق ونشروا العدل سادوا وقادوا وسعدوا وأسعدوا, {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
اقرأ التاريخ إذ فيه العبر       ضل قوم ليس يدرون الخبر
3- ففيم يختصمون؟
وهاكم ودونكم وبين أيديكم قصة تلقاه أهل السير بالرواية والقبول, وحكاها لنا المؤرخون وتناقلها الوعاظ والمرشدون والسياسيون, قصة هي حجر الزاوية في بناء المجتمع الإسلامي وفي هيكلة الأمة الربانية, قصة نستلهم منها العظات والحكم ونأخذ منها الدروس والفِكر, حُكي أن أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه عيَّن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه قاضياً على المدينة، فمكث عمر سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان،  لم يعقد جلسة قضاء واحدة، وعندها طلب من أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر: أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر!!! قال عمر: لا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لا حاجة بي عند قوم مؤمنين، عرف كل منهم ما له من حق، فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيمَ يختصمون؟ ففيمَ يختصمون؟ 
الله الله ما أرقاها من عبارات قويمة, وأنقاها من كلمات حكيمة, إنها منهاج حياة للحق ونظام حكم للعدل, لو أننا وضعنا هذه الكلمات نصب أعيننا وجعلناها منهاجاً نسير عليه لتقدمنا وتفوقنا  ولسدنا العالم ولأسعدنا البشرية جمعاء, ولقطعنا بحقنا دابر الكافرين, ولقضينا بعدلنا على القوم المجرمين.
أولئك النَّاسُ إنْ عُدُّوا وإنْ ذُكِرُوا        وما سِوَاهُم فَلَغْوٌ غَيْرُ مَعْدُودِ
كَرِّرْ عَليَّ حدِيثَهُم يَا حادِي                  فحدِيثُهُم يَجْلُو الفؤادَ الصَّادِي
فتعالوا أيها الأخوة والأحباب لدقائق نعيش مع هذه الإلياذة العمرية والتحفة الفاروقية, فكم نحن اليوم بحاجة لنزع الشقاق بيننا؟ كم نحن اليوم بحاجة لإنهاء الخلافات في صفوفنا؟ كم نحن اليوم بحاجة لإرساء قواعد الحق وأسس العدل علينا وعلى غيرنا؟ كم نحن اليوم بحاجة لإحقاق الحق لينقطع دابر الكافرين؟ 
أيها الأخوة المؤمنون: لقد أبان الفاروق عمر رضي الله عنه أن سبب قوة المسلمين وسبب تآخيهم وزوال الخصومة والشحناء بينهم, عائد إلى أمور جليلة قوية, من عمل بها نال سيادة الدنيا وسعادة الآخرة, هي باختصار في أمور ثلاثة:
الأول أيها القادة والأحبة: عرف كل منهم ما له من حق، فلم يطلب أكثر منه, وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، إنه العدل والإنصاف فلا إفراط ولا تفريط إنه ميزان الحق فلا إسراف ولا تطفيف, فالكل يؤدي الذي عليه من الحقوق بلا عقوق, فلا تفاضل بينهم ولا امتيازات فالكل يعمل لصالح الكل, صدق فيهم قول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]، فإذا ما وقعت بينهم خصومة وشجار, ودخل الشيطان لينزع بينهم, صدوه ومنعوه بإحقاق الحق وإعطاء الحق لأصحابه وإرساء العدالة, فلا ظلم بينهم ولا عدوان, وهذا ما جرى بين أبي ذر وبلال, عندما قال أبو ذر لبلال: يا ابن السوداء, فجاء بلال لرسول الله عليه الصلاة والسلام يشتكي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية), فما كان من أبي ذر وقد سمع هذا من رسول الله إلا أن ذهب إلى بلال, ووضع أبو ذر خده عند رجل بلال, وقال معتذراً مستسمحاً: يا بلال طأ خدي برجلك فقال بلال لا أفعل فقل أبو ذر: بل لتفعلن, فقال بلال: لا والله لا أفعل كيف أطأ جبهة تسجد لله رب العالمين، وتصافيا وتحاببا وكأن شيئاً لم يكن والسبب: إرساء العدل وإحقاق الحق بدون النظر إلى التمايز العرقي أو اجتماعي أو حتى قوة الذراع والسلاح, فالحق أحق أن يتبع، وهنا لله نشكو ظلم بعضنا لبعض.
أيها الأخوة وأخص أهل القوة والمنعة من الأجهزة الأمنية: فالله الحق.. اتقوا الله فيمن عندكم وراقبوا الله فيهم وإياكم وظلمهم, واعلموا جميعاً أن الله لا يمكِّنُ لدولة ظالمة ولو كانت مسلمة واسمعوا وارعوا من هذه القصة التي رواها ابن ماجه: لما رجع مهاجروا الحبشة قال لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام: (ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟!) قال فتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس, إذ مرت عجوز من عجائزهم تحمل على رأسها قلة من ماء, فقام إليها فتى من فتيانهم فوضع إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها, فانكسرت قلتها, فلما ارتفعت, إلتفتت إليه وقالت: سوف تعلم يا غدر, إذا وضع الله الكرسي, وجمع الأولين والآخرين, وتكلمت الأيدي والأرجل, فسوف تعلم كيف يكون أمري وأمرك عنده غداً, فقال رسول الله: (صدقت... صدقت، كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟) رواه ابن ماجه/4010 وصححه الألباني في صحيح الجامع/ 4598
خُلُقُ الظلمِ أمهُ قلة الدين     وسوء الأخلاق أبوه
فقد زال ملك البرامكة بسبب ظلمهم وتجاوزهم للحقوق ونشرهم للعقوق, ونقلوا من إيوان الملوك إلى أقبية السجون, وها هو يحيى البرمكي وقد سأله ابنه: يا أبت أبعد العز  والتمكين صرنا إلى الحبس والسجون؟ فقال: يا بني لعلها دعوة مظلوم, سرت بليل غفلنا عنها, وما ربك عنها بغافل.
فيا أيها القادة ويا أيها الأمنيون بل يا أيها الناس أجمعون: إياكم والظلم فإنه ظلمات وهلاك للعباد ودمار للبلاد.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً             فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلوم منتبه                يدعو عليك وعين الله لم تنم
الأمر الثاني في الإلياذة العمرية والتحفة الفاروقية: إنه التحابب العملي لا القولي فحسب, فالحب إن لم يكن أعمالاً وأفعالاً صار محض ادعاء وافتراء, ولكن إن كان حب بقول وعمل صار أصحابه في ظلال الرحمن جل في علاه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، يا الله ما أجمله من مجتمع وما أرقاها من أمة إنهم جسد واحد, فأنى لعدوهم أن يظفر بهم, وهؤلاء كان النصر حليفهم, فقد أكرموا الفقراء وساندوا الضعفاء فاستحقوا بصدق وحق النصر على الأعداء, وهذا ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (ابْغُونِي الضُّعَفَاءَ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ) أبو داود/2594وصححه الالباني.
أولئك أبائي فجئني بمثلهم    إذا جمعتنا يا جرير المجامع
بهذه الأخلاق الفاضلة شيدوا أعظم حضارة وأقاموا أجل خلافة, بهذه الصفات العظيمة انتقلوا من رعاية غنم إلى قيادة الأمم, أما عندما نتآكل ولا نتكامل, أما إذا ظهرت الأثرة وزال الإيثار - كما يحدث اليوم عند توزيع المعونات - , أما ما نراه اليوم وللأسف من استغلال الأخ لأخيه, وتعدي الرجل على حقوق ذويه, أما ما يحدث اليوم من غلاء فاحش في الأسعار, وغبن في البيع والشراء واحتكار, فهذا نذير بالزوال والدمار. 
يا أخوتي وأحبتي: إن الله يحبنا إذا تحاببنا, ويكون معنا بقدر ما نكون مع بعضنا, ويواسينا بحسب ما يواسي بعضنا بعضاً, فلا غلاء في الأسعار ولا استغلال للضعفاء والفقراء وهنيئاً لأخ مد يد العطاء ويد السخاء لمحتاج فقير أو لنازح مسكين (فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) المعجم الأوسط/5665
 ولن ينقطع دابر الكافرين, إلا إذا تآخى أهل الدين, خذوها واضحة صريحة رسالة إلى الشام خاصة وإلى أهل الإسلام عامة...... إذا لم نعتصم ونتحابب  ونكون كيد واحدة وجسد واحد فلن ولن ننتصر. 
أبا سليمان قلبي لا يطاوعني        على تجاهل أحبابي وخلاني
إذا اشتكى مسلم في الهند أرقني     وإن بكى مسلم في الصين أبكاني
ومصر ريحانتي والشام نرجستي       وفي الجزيرة تاريخي وعنواني
وأينما ذكر اسم الله في بلد          عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
شريعة الله لمت شملنا و              بنت لنا معاهد إحسان وإيمان
الأمر الثالث من الإلياذة العمرية والتحفة الفاروقية: وهو مربط الخيل ومناط الحكم وأساس البناء في المجتمع المسلم إنه قول الفاروق عمر: دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وهنا حطنا الجمال كما يقول أهل الشام, فهذا والله هو منبع الخيرية للأمة قال الله عزوجل في كتابه الكريم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].
وهو سفينة النجاة ومركب السلامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا) البخاري /2493
وهذا هو دوركم يا قادة المجتمع ويا ربان سفينته يا علماءنا ويا طلاب العلم: أنتم النّصحة للأمة وأنتم تأخذون بزمام المبادرة لقيادة المجتمع لكل صلاح وفلاح, وبدون التناصح تغرق السفينة ونستحق العقوبة الجماعية ولهذا حذرنا رسولنا الكريم فقال: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) الترمذي /169 وغيره وحسنه الألباني.
فلنتساعد على التناصح لا التفاضح ولنتعامل بالنصيحة لا الفضيحة ولنبني جسوراً للإرشاد لا مطبات للانتقاد, ولنشكل فرقاً تسير بالأمر بالمعروف ولكن بمعروف وفرقاً تنهى عن المنكر لكن بمعروف, فو الله إن أعظم سلاح ضيعناه هو الكلمة الطيبة والنصيحة الحسنة, فبادروا لإحياء فريضة التناصح فلقد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على النصح لكل مسلم.
يا معاشر الأخوة والأحبة: إننا إن قمنا بإحقاق الحق بيننا وإظهار العدالة في مجتمعنا, فإن دابر الكفار سينقطع لا محالة, فلا الروس سيبقى له رؤوس, ولا النصيرية سيبقى لم نصير, وكل أعدائنا وطائراتهم وأسلحتهم ستكون خبراً منسياً ولن تسمع لهم ركزاً,  وسنسمع ونرى حقاً وواقعاً قول الله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81].
أيها الأخوة المؤمنون: ما يمر به شامنا الحبيب من مآسي وصعاب, وما يتعرض له جهادنا وثورتنا من ضغوط ومحاولة إسقاط, وما نشهده اليوم من تخاذل الأخ القريب وتكالب العدو البعيد, وما يجرى على أرضنا في حلب الشهباء من ضياع بعض المكتسبات وفقدان بعض المناطق والجبهات, كل ذلك يصيب بلا ريب القلوب المريضة بالإحباط واليأس والقنوط, أما القلوب المؤمنة المطمئنة فتقول كما علمنا الله تعالى بقوله: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]. 
4- النصر بمقدار اتصال القلوب بالله
والآن أيها الأخوة المجاهدون والمرابطون في الشام عموما وفي حلب خصوصاً عوداً على بدأ أذكركم من جديد بقول الحق مستبشراً ومستنيراً: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} لقد أراد الله - والحديث عن معركة بدر الكبرى أم المعارك - أن تكون ملحمة لا غنيمة وأن تكون موقعة بين الحق والباطل، ليحق الحق ويثبته، ويبطل الباطل ويزهقه، وأراد أن يقطع دابر الكافرين، فيقتل منهم من يقتل، ويؤسر منهم من يؤسر، وتذل كبرياؤهم، ويمكن الله للعصبة المسلمة التي تعيش بمنهج الله، وتحطيم طاغوت الطواغيت،  وأراد أن يكون هذا التمكين بالجهد والجهاد، فبالجهاد نصل إلى المراد, قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]، فالسلاح السلاح حتى النصر والفلاح.
نعم أيها الأخوة الأحرار: أراد الله للعصبة المسلمة أن تصبح أمة وأن تصبح دولة وأن يصبح لها قوة وسلطان, وأراد الله أن نعلم أن النصر ليس بالعدد وليس بالعدة، وليس بالمال والخيل والزاد... إنما هو بمقدار اتصال القلوب بقوة الله التي لا تقف لها قوة العباد, فبقدر ما نحق الحق وننصر الحق بقدر ما سينصرنا الله ويكون معنا, قال الله تعالى:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 7-9].
 وهذا قادم قادم لا ريب فيه ولا مجادلة, ولكن هذا التمكين لا يكون إلا بالتكوين, والتكوين يعني إحقاق الحق وإرساء قواعد وأسس العدالة في الناس أجمعين.
العدل من اسمى القيم      يسمو بنا إلى القمم
فهو أساس ملكنا                يرفعنا فوق الأمم
والعادلون بيننا             مثل النجوم في الظلم
فاعدل ولو مع الذي        جار عليك أو ظلم
وكن تقياً مخلصاً             يرعى الحقوق والذمم
 
1 - المعجم الكبير للطبراني/317
2 - رواه ابن ماجه/4010 وصححه الألباني في صحيح الجامع/ 4598
3 - أبو داود/2594وصححه الالباني.
4 - المعجم الأوسط/5665
5 - البخاري /2493
6 - الترمذي /169 وغيره وحسنه الألباني.
دور الخطباء في سوريا ؟!
دور فعال ومؤثر (صوتأ 114) 80%
غير فعال (صوتأ 27) 19%
لا أدري (صوتأ 2) 1%
تاريخ البداية : 26 ديسمبر 2013 م عدد الأصوات الكلي : 143